فصل: ملك صمصام الدولة البصرة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ملك صمصام الدولة الأهواز وعودها لبهاء الدولة ثم استيلاؤه ثانيا عليها.

قد تقدم لنا ما وقع بين بهاء الدولة وصمصام الدولة من الصلح على أن يكون له فارس ولبهاء الدولة خورستان وما وراءها وذلك سنة ثمان ولما كانت سنة ثلاث وثمانين تحيل بهاء الدولة فبعث أبا العلاء عبد الله بن الفضل إلى الأهواز على أن يبعث إليه الجيوش مفترقة فإذا اجتمعت كبس بلاد فارس على حين غفلة وشعر صمصام الدولة بذلك قبل اجتماع العساكر فبعث عساكره إلى خورستان ثم جاءت عساكر العراق والتقوا فانهزم أبو العلاء وحمل إلى صمصام الدولة أسيرا فاعتقله وبعث بهاء الدولة وزيره أبا نصر بن سابور إلى واسط يحاول له جمع المال فهرب إلى مهذب الدولة صاحب البطيحة ثم كثر شغب الديلم على بهاء الدولة ونهبوا دار الوزير نصر بن سابور واستعفى واستوزر أبا القاسم علي بن أحمد ثم هرب وعاد سابور إلى الوزارة وأصلح الديلم ثم إنفذ بهاء الدولة عسكره إلى الأهواز سنة أربع وثمانين وعليهم طغان التركي وانتهوا إلى السوس فارتحل عنها أصحاب صمصام الدولة وملكها طغان وكان أكثر أصحابه الترك وأكثر أصحاب صمصام الدولة الديلم ومعه تميم وأسد فزحف إلى طغان بالأهواز وأسرى من تستر ليكبس الأتراك الذين مع طغان فقتل في طريقه وأصبح دونهم بمرأى منهم فركبوا لقتاله وأكمنوا له ثم قاتلوه فهزموه وفتكوا في الديلم بالقتل حربا وصبرا وجاء الخبر إلى بهاء الدولة بواسط فسار إلى الأهواز فترك بها طغان ورجع ولحق صمصام الدولة بفارس فاستلحم من وجد بها من الأتراك وهرب فلهم إلى كرمان واستأذنوا ملك السند في اللحاق بأرضه فأذن لهم ثم ركب لتلقيهم فقتلهم عن آخرهم ثم جهز صمصام الدولة عساكره إلى الأهواز مع العلاء بن الحسن وكان أفتكين برامهرمز من قبل بهاء الدولة مكان أبي كاليجار المرزبان بن سفهيعون وجاء بهاء الدولة إلى خورستان للعلاء قائد صمصام الدولة وكاتبه وكاتب أفتكين وابن مكرم إلى أن قرب منهم وملك البلد من أيديهم وأقاموا بظاهرها واستمدوا بهاء الدولة فأمدهم بثمانين من الأتراك فقتلوهم عن آخرهم وسار بهاء الدولة نحو الأهواز ثم عاد إلى البصرة وعاد ابن مكرم إلى عسكر مكرم والعلاء والديلم في اتباعه إلى أن جاوزوا تستر إليه فاقتتلوا طويلا وأصحاب بهاء الدولة من تستر إلى رامهرمز وهم الأتراك وأصحاب صمصام لدولة من تستر إلى أرجان فاقتتلوا ستة أشهر ورجعوا إلى الأهواز ثم رحل الأتراك إلى واسط واتبعهم العلاء قليلا ثم رجع وأقام بعسكر مكرم.

.ملك صمصام الدولة البصرة.

لما رحل بهاء الدولة إلى البصرة استأمن كثير من الديلم الذين معه إلى العلاء نحو من أربعمائة فبعثهم مع قائده السكرستان إلى البصرة وقاتلوا أصحاب بهاء الدولة ومال إليهم أهل البلد ومقدمهم أبو الحسن بن أبي جعفر العلوي وارتاب بهم بهاء الدولة فهرب الكثير منهم إلى السكرستان وحملوه في السفن فأدخلوه البصرة وخرج بهاء الدولة وأصحابه فكتب إلى مهذب الدولة صاحب البطيحة يغريه بالبصرة فبعث إليها جيشا مع قائده عبد الله بن مرزوق فغلب عليها السكرستان وملكها المهذب الدولة ثم عاد السكرستان وقاتلها وكاتب مهذب الدولة بالصلح والطاعة والخطبة له بالبصرة وأعطى ابنه رهينة على ذلك فأجابه وملك البصرة وعسف بهم وكان يظهر طاعة صمصام الدولة وبهاء الدولة ومهذب الدولة ثم إن العلاء ابن الحسن نائب صمصام الدولة بخورستان توفي بعسكر مكرم فبعث مكانه أبا علي إسمعيل بن أستاذهرمز وسار إلى جند يسابور فدفع عنها أصحاب بهاء الدولة وأزاح الأتراك عن ثغر خراسان جملة وعادوا إلى واسط وكاتب جماعة منهم ففزعوا إليه ثم زحف إليهم أبو محمد مكرم والأتراك وجرت بينهم وقائع ثم انتفض أبا علي إسمعيل بن أستاذهرمز ورجع إلى طاعة بهاء الدولة وهو بواسط سنة ثمان وثمانين فاستوزره ودبر أمره واستدعاه إلى مظاهرة قائده ابن مكرم بعسكر مكرم فسار إليه وكانت من إسمعيل خديعة تورط فيها بهاء الدولة واستمد بدر بن حسنويه فأمده بعض الشيء وكاد يهلك ثم جاءه الفرج بقتل صمصام الدولة.

.مقتل صمصام الدولة.

كان صمصام الدولة بن عضد الدولة مستوليا على فارس كما ذكرناه وكان أبو القاسم وأبو نصر ابنا بختيار محبوسين ببعض قلاع فارس فجرد الموكلين بهما في القلعة وأخرجوا عنها واجتمع إليهما من الأكراد وكان جماعة من الديلم استوحشوا من صمصام الدولة لما أسقطهم من الديوان فلحقوا بابني بختيار وقصدوا أرجان وتجهز صمصام الدولة إليهم وكان أبو علي بن استاذهرمز مقيما بنسا فثاره الجند وحبسه ابنا بختيار ثم نجا وقصد صمصام الدولة القلعة التي على شيراز ليتمنع فيها إلى أن يأتيه المدد فلم يمكنه أن يأتيها من ذلك وأشار عليه باللحاق بأبي علي بن أستاذهرمز أو بالأكراد وجاءته منهم طائفة فخرج معهم بأمواله فنهبوه وسار بعض الرودمان على مرحلتين من شيراز وجاء أبو النصر بن بختيار إلى شيراز فقبض صاحب الرودمان على صمصام الدولة وأخذه منه أبو نصر وقتله في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين لتسع سنين من إمارته على فارس.